عبر العرب كثيرًا عما يرغبون في الحديث عنه بالشعر العربي الفصيح، إذ أنه يعتبر سمة العصور القديمة وكذلك المعاصرة، والذي ساعد على ذلك الموهبة الكبيرة والفصاحة الفجة لشعراء الأدب العربي أجمعين، لذلك من الضروري الاطلاع على أبرز قصائد الشعر العربي وبالأخص التي جاءت عن النجاح ومفهومه، وكيف كان يعبر العرب عن فرحتهم بالنجاح.
قصائد شعر عن النجاح
جدول المحتويات
النجاح من أبرز المواضيع التي يمكن أن تتمحور حولها قصيدة شعر كاملة، وذلك لأن النجاح أكثر ما يمكن أن يفرح المرء ويرغب في الاحتفال به وذلك من خلال تنسيق بعض الكلمات والجمل التي تصف معنى النجاح، لذلك قال الكثير من الشعراء الشعر في النجاح ومدى فرحة الإنسان عندما ينجح.
من أبرز الشعراء الذين تطرقوا للشعر عن النجاح هو احمد بن عبد الله بن احمد بن غالب ابن زيدون، والمعروف بالشاعر ابن زيدون أحد أهم ركائز الشعر الأندلسي، حيث إنه كان وزير وشاعر وسفير، ولد في قرطبة وعمل لدى أحد ملوك الطوائف بالأندلس وظل يكتب له الشعر، وجاءت القصيدة التالية في أحد مناسبات الانتصار والتي جاءت أبياتها كالتالي:
فُز بِالنَجاحِ وَأَحرِزِ الإِقبالا
وَحُز المُنى وَتَنجِّزِ الآمالا
وَليَهنِكَ التَأييدُ وَالظَفَرُ اللَذا
صَدَقاكَ في السِمَةِ العَلِيَّةِ فالا
يا أَيُّها المَلِكُ الَّذي لَولاهُ لَم
تَجِدُ العُقولُ الناشِداتُ كَمالا
أَمّا الثُرَيّا فَالثُرَيّا نَصبَةً
وَإِفادَةً وَإِنافَةً وَجَمالا
قَد شاقَها الإِغبابُ حَتّى إِنَّها
لَو تَستَطيعُ سَرَت إِلَيكَ خَيالا
رَفِّه وُرودَكَها لِتَغنَمَ راحَةً
وَأَطِل مَزارَكَها لِتَنعَمَ بالا
وَتَمَثَّلِ القَصرَ المُبارَكَ وَجنَةً
قَد وَسَّطَت فيها الثُرَيّا خالا
وَأَدِر هُناكَ مِنَ المُدامِ أَتَمَّها
أَرَجاً زَكا وَأَشَفَّها جِريالا
قَصرٌ يُقِرُّ العَينَ مِنهُ مَصنَعٌ
بَهِجُ الجَوانِبِ لَو مَشى لَاِختالا
لا زِلتَ تَفتَرِشَ السُرورَ حَدائِقاً
فيهِ وَتَلتَحِفُ النَعيمَ ظِلالا
اتسم أسلوب ابن زيدون بأنه دسم الكلمات والمعاني، ولا يكتبه إلا لأغراض مهمة مثل المدح، وجاءت هذه القصيدة في مدح أحد نجاحات أبي الحزم بن جهور، والذي كان ابن زيدون دائم المدح له، كما قام بمدح بعض أمراء الطوائف، وكان يتحدث عن صفاتهم الكريمة مثل الشجاعة والكرم والتقوى.
امتاز شعر ابن زيدون بالمبالغة في المدح سواء في المعاني أو في الألفاظ متأثرًا في ذلك بشعر العصور القديمة، كان نادرًا في كتابة شعر الغزل، ولم يكن يكتبه إلا لغرضِ واحد ألا وهو للتعبير عن حبه وشوقه لمحبوبته التي كانت تسمى ولادة، والذي قام بكتابة الكثير من القصائد لها مثل قصائد الهجر والغزل العفيف.
اقرأ أيضًا: أجمل ما قيل في الأم من قصائد الشعراء
قصيدة يا سائلا عن نجاح معنى
تعتبر قصيدة يا سائلًا عن نجاح معنى من أبرز قصائد العصر العثماني، وذلك لأنها من القصائد القليلة التي تحدثت عن النجاح في هذا العصر، بسبب كثرة الأغراض الشعرية في ذلك الحين وتمحورها حول الغزل والمدح وكذلك الرثاء، كتب هذه القصيدة الشاعر الكبير ابن النقيب، والذي كان أحد أبرز شعراء العصر العثماني فيما يلي أعذب كلماته الشعرية:
يا سائلاً عن نجاح معنى
للهِ في أمرهِ القيامُ
فالحقُ يلعو وليس يُعلى
عليه في كلِّ ما يُرامُ
والصدقُ يبقى بغير شَكٍ
وغيره ما له دوام
وقُبَّةُ النسر تحتها الآ
من فاضلٌ ناسِكٌ إِمامُ
يروي حديثَ النبيّ حقاً
عليه من ربّه السلامُ
عن سادةٍ كلّهم سَرَاةٌ
وكلُّهم قادَةٌ كِرامُ
في بقعةٍ للحديثِ صحت
من بعد ما مَسَّها السَقامُ
تمَّ له ختمها بخير
وقاصد الخير لا يُضامُ
والآن قرَّت به وطابت
فالمِسْك أرِّخ له ختام
في هذه القصيدة يحاول ابن النقيب توضيح المعنى الحقيقي للنجاح، وكأن النجاح المادي أو النجاح الدنيوي الذي يحققه الإنسان ما هو إلا وهم نعيشه، ولكن النجاح الحقيقي هو اتباع طريق الحق وعمل الخير، وأن قصد الخير دومًا أفضل بكثير من النجاح والتفوق الذي لا يفيد الغير.
اتسم أسلوب ابن النقيب باستخدام الكلمات البسيطة ذات المعنى الواضح وذلك ليكون أكثر واقعية، كما اتسم أسلوبه في كافة قصائده بانتقاد الأوضاع السياسية الموجودة وطباع الناس التي تغيرت وفقًا لتغير الزمن، عُرف ابن النقيب بذلك الاسم لأنه كان نقيب الأشراف في بلاد الشام، وكان عالمًا جليلًا في أكثر من مجال وكان له مكانة سياسية واجتماعية عالية.
اقرأ أيضًا: أفضل أشعار عن الحب قصيرة
شعر الإمام الشافعي عن النجاح
الإمام الشافعي هو أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، وهو ثالث الأئمة الأربعة عند السُنيين، كذلك هو صاحب المذهب الشافعي الذي له الكثير من الأحكام في الفقه الإسلامي، كذلك قام بتأسيس علم أصول الفقه وكتب الكثير من الكتب في تفسير القرآن وعلم الحديث.
عمل الإمام الشافعي كقاضيٍ بسبب شهرته بالعدل والحكمة والذكاء، وما لا يعرفه عنه بعض الناس أنه بالرغم من علمه وفصاحته ومكانته العالية بين العلماء، فهو أيضًا كان شاعرًا فصيح اللسان، ومن أبرز قصائده الشعرية هي التي جاءت عن طلب العلم والنجاح، لما يدل على أهمية النجاح وطلب العلا والسهر من أجل تحقيقه، فيما يلي أبرز أبيات قصائد الشافعي:
تَغَرَّب عَنِ الأَوطانِ في طَلَبِ العُلا
وَسافِر فَفي الأَسفارِ خَمسُ فَوائِدِ
تَفَرُّجُ هَمٍّ وَاِكتِسابُ مَعيشَةٍ
وَعِلمٌ وَآدابٌ وَصُحبَةُ ماجِدِ
وَإِن قيلَ في الأَسفارِ ذُلٌّ وَمِحنَةٌ
وَقَطعُ الفَيافي وَاِكتِسابُ الشَدائِدِ
فَمَوتُ الفَتى خَيرٌ لَهُ مِن حَياتِهِ
بِدارِ هَوانٍ بَينَ واشٍ وَحاسِدِ
قصيدة ابن الرومي عن النجاح
يعتبر ابن الرومي من كبار العلماء في العصر العباسي، ومن أعظم الشعراء في هذا العصر وفي عصور الشعر العربي بمختلف الأزمنة، هو علي ابن العباس بن جريج، أو جورجيس، الرومي، أبو الحسن، ولد في بغداد وترعرع بها، كان قريبًا دومًا من الخلفاء والوزراء، مما أدى ذلك إلى سرعة نجاحه.
كان دائم المدح للخليفة العباسي لذلك قام بكتابة أبرز القصائد في تاريخه، ألا وهي قصيدة قل لنجح أخطأت باب النجاح والتي كان فيها يسخر من خليفة لدولة أخرى منافسة للدولة العباسية، وكان ذلك بناءً على رغبة الخليفة العباسي، فيما يلي أبرز أبيات هذه القصيدة:
قل لِنُجْح أخطأتَ باب النّجاح
بل تعاطيتَهُ بلا مفتاحِ
إنَّ ودَّانَ لا تَوَدُّ خَصِيَّاً
فاصْحُ عنها فَقَلْبُهَا عنك صاحي
هي تَهوَى النِّكاحَ والدَّلْكُ مَجْهُو
دُك فيها والدَّلْكُ زُورُ نُكاحِ
لست بالسَّابح المُجيدِ فدع عَنْ
كَ ركوبَ البُحُورِ للسُّبَّاحِ
قَطَع الجَبُّ بالخَصِيِّ كما يَق
طَعُ فَقْدُ المُرْدِيِّ بالملّاح
ليتَ شِعْرِي بما تَظُنُّكَ تُصْبِي
قلْبَ وَدَّانَ يا كسير الجناحِ
أبوَجْهٍ كأنه وجهُ قردٍ
حائلُ اللون خامدُ المصباحِ
أيُّ حِرْز فيه من الطَّيْر أنْ لَوْ
جعلُوه فزَّاعةً في قَرَاحِ
فيه خَّدانِ أنْمَشَانِ بعِيدَا
نِ لَعَمْرِي من حُمْرَة التفاحِ
نُمشةٌ فوق صُفرةٍ فتراه
كَوَنيمِ الذباب في اللفَّاحِ
أَمْ بِأَيْرٍ أتى الخِصَاءُ عليه
غَيْرَ مُبْقٍ فاجْتِيحَ أيَّ اجْتِياحِ
أم بقَدٍّ كأنه قَدُّ زِقِّ
زِيدَ عرضاً ببطنك المُنْدَاحِ
أنْتَ لا مِنْ ذوي الأُيُورِ فَتَهْوَا
كَ ولا من ذوي الوجوه الصِّبَاحِ
مَنْ عذيري من جَوْرِكُمْ معشرَ الخِصْ
يَانِ إذ تطلبون وصْلَ الملاحِ
إنما أنتُمُ فِقَاحٌ فمهلاً
ما غَنَاءُ الفِقَاح في الأحْرَاحِ
إنَّ من يعشق النساء بلا أيـ
ـرٍ كمثل الغازي بغير سلاحِ
لنْ يكونَ الطِّعانُ إلاَّ برمحٍ
فاتركوا الطَّعن للطِّوال الرماحِ
ضلَّ إهداؤكَ الخرائطَ يا نُجْ
حُ وألوَتْ به سَوَافي الرياحِ
أنت تُهْدِي وتِلْكَ تُهْدي هَدَايَا
كَ إلى كل أيِّرٍ نَكَّاحِ
وإذا ما التمَسْتَ منها نوالاً
مَنَعَتْ منك كُلَّ شيء مُبَاحِ
كم تَمَنَّيتَ قُبْلة من حَيَاها
وهو من أيْرِ ذاكَ دَامي الجراحِ
حين لم يَحْمَدَاكَ إذ ذاكَ لكنْ
حَمِدَا نفْحَ طِيبِكَ النَّفَّاحِ
باتَ يلهو بها وباتَتْ تُغَنِّي
خاب وجْهُ الخَصِيِّ يوم الفَلاَحِ
حين يلقى إلهَهُ لمْ يَلدْهُ
ذُو صلاح ولمْ يَلِدْ ذا صلاحِ
لا أباً مؤْمِناً يُعَدُّ ولا ابْناً
مُؤْمِناً خابَ قِدْحُه في القداحِ
ليس حَمْد الخصْيَان في الناس إلا
شِدَّةَ الصبرِ عند شَقِّ الفِقَاحِ
معشرٌ أشبهوا القُرودَ ولكن
خالفوها في خِفَّةِ الأرواحِ
قال فيما يقول حين أجدَّتْ
جَبْهتا عانَتَيْهما في النِّطاحِ
أين هذا من دلْك نُجْحٍ فقالت
طُرُقُ الجِدِّ غَيْر طُرْقِ المُزَاحِ
تمتع أسلوب ابن الرومي في هذه القصيدة ببلاغة عالية وكذلك تأثر كبير باللغة العربية والقرآن الكريم، وذلك ظهر من خلال محاولة ابن الرومي في تقليد الكثير من شعراء الجاهلية، بالأخص في اختيار غرض القصيدة وكونه الهجاء، والذي برع فيه شعراء العصر الجاهلي، وكان يحاول ابن الرومي توضيح فكرة أن النجاح ليس سهلًا لأي شخص، وإنما هو سهل فقط على الخليفة.
اقرأ أيضًا: قصائد متنوعة عن الأب ودوره في حياتنا
النجاح في الأدب العباسي
الأدب العباسي من أشهر مدارس الأدب العربي، والذي ازدهر بشكل كبير بالأخص في وجود شعراء عِظام مثل أبو العلاء المعري وكذلك المتنبي وأبي تمام، وعلى الرغم من ذلك فإنه من أشهر القصائد التي اندلعت في هذا العصر كالنار في الهشيم هي قصيدة الشاعر ابن الأبار البلنسي، والذي كان شاعرًا مغمورًا في حينها، جاءت قصيدته كالتالي:
بُشرَى بإسفارِ صَباحِ النّجاح
عَن صَفْحَةِ الصّفحِ وَخَفضِ الجَناح
قَدْ آذَنَ المَنُّ بِحَوْزِ المُنى
وَأَعْلَنَ الكَدْحُ بِفَوْزِ القِداح
هَذا افتِتاحُ الصَومِ مُسْتَقبَلاً
عَن اختِتام بِالرّضى وافتِتاح
إنَّ الإمامَ الهاديَ المُرتَضَى
أكّدَ بالعَطْفِ شُرُوطَ السّماح
لِينُ السّجايا عاطِراتٍ كَما
هَزّ الرّياحينَ هُبوبُ الرّياح
وَحُسْنُ إِسْجاحٍ يَليهِ النّدَى
لِذَا انِفِتاحٌ ولِذاَك انفِساح
لَوْ جُبِل الدّهْرُ عَلى حِلْمِهِ
لَم يَكُ مِنْه للنُفوسِ اكْتِساح
عَفْواً إمامَ الحَقِّ عَن خاطِئ
أسْرَفَ للغاياتِ مِنه طِماح
قَدْ راضَهُ بالكَبْحِ تأديبُه
وَلَمْ يُجَاهِرْ عامِداً بالجِماح
أذْنَبَ لَكِنْ تَابَ مِنْ فَوْرِه
وفي قَبُولِ التّوبِ رَفْعُ الجُناح
حَسْبِيَ شَفيعاً لك في هَفْوَتي
حُبّ ونُصْحٌ وثَنَاءٌ صُراح
بَرَحَ بِي الشّوْقُ إلَى حَضْرَةٍ
لَيسَ لِمَنْ وُفِّقَ عَنْها بَراح
وَهِمْتُ فيها بِاقْتِرابٍ فَلَمْ
تُثْمِرْ لِيَ الأقْدَارُ غَيْر انتِزاح
لا زِلْتَ والزّلاتُ شَأنُ الوَرَى
تَهْتَزُّ للصَّفْحِ اهْتِزازَ الصِّفَاح
مساعيك يهدي للنجاح طلابها
وتحدى لإصلاح الفساد ركابها
لقد أسفرت عن غرة المجد سفرة
دنا بك من بعد الرحيل إيابها
قدمت فأقدمت الحياة لأنفس
يمنيك إن ضن السحاب سحابها
وأطلعت نور العدل في كل بلدة
جبينك إن غاب الشهاب شهابها
ترحل عنها مذ رحلت أنيسها
فبان عليها وحشها واكتئابها
وكانت رحاب الملك تشكو فراغها
فمذ أبت ضاقت بالوفود رحابها
وأضحت تحيي بالسجود كرامة
ويشفي شفه اللاثمين ترابها
يقول ابن الأبار البلنسي في هذه القصيدة عدة أفكار وذلك كان السائد في أسلوبه وهو الالتزام بأكثر من غرض في القصيدة، ولكن الأكثر بروزًا في هذه القصيدة هو محاولة توضيح فكرة أن النجاح ليس معناه الانتقام ممن تمكنوا منك، ولكن النجاح هو الصفح وخفض الجناح لمن لهم الأمر عنك، والمقصود هنا هم أولياء الله والخلفاء.
قصيدة أطع مولاك تظفر بالنجاح
عندما نحاول ذكر قصيدة شعر عن النجاح فإن الكثير منّا يغفل عن ذكر قصيدة أطع مولاك تظفر بالنجاح، والتي قام بكتابتها أحد أبرز شعراء الأدب العربي وهو عبد الرحمن بن يخلفتن بن أحمد الفازازي القرطبي، والذي كان يكتب القصائد التي لها غرض أخلاقي ونصحي، ونادرًا ما كان يكتب قصائد غرضها الغزل، ومدح النبي كثيرًا في دواوينه، فيما يلي أحد أهم قصائده:
أطع مولاك تظفر بالنّجاح
وراقبهُ تَحُز قَصبَ الفَلاحِ
ودع طُرقَ الخلاف وعدِّ عنها
إلى طرق من التّقوى فساح
وعامل والديكَ إذا أسَنَّا
بلينِ القَولِ أوخفض الجناح
وَوَفّهمَا ولَستَ تطيقُ برّا
بما منحاك في كلّ المناح
هما كنفاك في لُطفٍ وصون
ورعي بالغُدُوِّ وبالرّواح
وما ذَخِرَاكَ ليناً في مقال
ولا ألوَاك نُصحاً في سماح
وما اقترحا سواك وكلُّ نفس
تصرّفُ في اشتهاء واقتراح
وكانا يحرسانك كلَّ حين
بكلّ الحفظ من كلّ النّواحي
وكانا يمنعانك أن تلاقي
شعاع الشمس أو نَفَس الريّاح
وكم من ليلة وصلا دُجَاها
أنينا من أنينك بالصَّباح
وكم سكبا لأجلك من دموع
يورّد هاجفون كالجراح
وكم جبرا بجاهٍ أو بمال
خروقاً من مساعيك القباح
وكم بذلا فداءك من نحور
ببيض الهند أو سمر الرّماح
وكم هجرا لبعدك من مهاد
وغصَّا فيه بالماء القراح
فكيف تنالُ برَّهُمَا وأنَّى
يُنالُ الجدُّ من طُرقِ المزاح
ولكن حسبنا في البرِّ جِدُّ
وليس على مجدّ من جناح
في هذه القصيدة يحاول أبو زيد الفازازي أن يوضح أهمية الطاعة للمولى، فهذا هو النجاح الأول، بالإضافة إلى ضرورة الاقتداء به فإن ذلك سيجعلك ناجحًا والمقصود هنا بالقدوة هو الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ أن الشاعر يحاول توجيه نصيحة للقارئ بأنه إذا اهتدى لطريق الرسول فإن النجاح سوف يطرق بابه فورًا.
اتسم أسلوب الشاعر بأنه سلس ولين وذلك لكي يتمكن القارئ من استقبال النصيحة من الشاعر، كما قلت الصور الخيالية في القصيدة وذلك لإيحاء القارئ بأن معاني القصيدة حقيقية وواقعية وليست بها مبالغة أو أيًا من هذا القبيل، كما ظهر على الشاعر تأثرًا كبيرًا بالأحاديث النبوية في الأسلوب مما أعطى ذلك رونقًا للقصيدة.
النجاح أمرًا لا بد منه في حياة الإنسان، وهو الملهم الأول والدافع الأكبر لكل حياة، لذلك تمحورت الكثير من قصائد الشعر حوله، واختلفت خصائص الشعر وفقًا لرغبة الشاعر وأفكاره التي يرغب في توضيحها في قصيدته.