غاية كل مسلم في هذه الحياة هي التعرف على احب الاعمال الى الله، والحرص على أدائها، والمداومة على فعلها للتقرب إلى الله عز وجل ونيل رضاه.
وقد كان الصحابة أكثر الناس سؤالًا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أي الأعمال أحب إلى الله؟ وقد أخبرهم رسولنا الكريم عن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله، والتي سوف نتناولها في هذا المقال.
احب الاعمال الى الله
اختلفت إجابات النبي عليه الصلاة والسلام للصحابة حين سئُل عن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله باختلاف أشخاصهم وأحوالهم والأكثر نفعًا لكل شخص منهم، وفيما يلي تفصيل لـ احب الاعمال الى الله عز وجل:
الصلاة على وقتها
حينما سأل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رسول الله عن أحب الأعمال إلى الله قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
“أحب الأعمال إلى الله الصلاة على وقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله”.
وهنا بيّن رسول الله أن المحافظة على أداء الصلاة في أول وقتها بعد سماع الأذان وعدم التكاسل عنها من أفضل واحب الاعمال الى الله تبارك وتعالى، فذلك يدل على محبة المسلم للصلاة، وإقباله عليها، ومكانتها في قلبه.
إلى جانب حرصه على الاستجابة لنداء الله عز وجل دون تأجيل أو تسويف، مع الحرص على أداء الصلاة تامة بصفتها وهيئتها.
بر الوالدين
بر الوالدين والإحسان إليهما من احب الاعمال الى الله سبحانه وتعالى، وقد أمر الله ببر الوالدين والقيام بخدمتهما، وترك عقوقهما، وقد قرنه الله عز وجل بتوحيده حيث قال في كتابه العزيز:
“وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)”.
كما أمر الله بالإحسان إليهما، ويبين أن حق الوالدين يأتي بعد حق الله تبارك وتعالى في قوله:
“وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا”، كما قال عز وجل: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا”.
وهنا .
الجهاد في سبيل الله
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة على وقتها وبر الوالدين الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله عز وجل وإظهار شعائر الإسلام بالمال والنفس، وذلك يوضح أهمية الجهاد وعقوبة تركه مع القدرة عليه.
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان فضل الجهاد:
“أفضل الأعمال الإيمان بالله وحده ثم الجهاد ثم حجة برة تفضل سائر الأعمال كما مطلع الشمس إلى مغربها”.
المداومة على الأعمال الصالحة
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل”، ولذلك فعلى المسلمين المداومة على فعل الأعمال الصالحة حتى وإن قلت.
وذلك من باب التيسير عليهم، والحرص على عدم الانقطاع عن أداء الأعمال الصالحة مثلما كان يفعل النبي عليه الصلاة والسلام.
ومن الأعمال التي يحب الله عز وجل المداومة على فعلها هي أداء الفرائض حيث قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيما يرويه عن الله عز وجل:
“إن الله قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه”.
ذكر الله
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: “أحب الأعمال إلى الله أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله”، وهذا يدل على أهمية ذكر الله حيث أنه من أهم أسباب تكفير الذنوب، ورفع مكانة العبد عند ربه تبارك وتعالى.
كما وردت العديد من الآيات القرآنية التي تحث على ذكر الله، ومنها قول الله عز وجل: “وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا”، كما قال تبارك وتعالى في كتابه العزيز: “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا”.
نفع الناس وقضاء حاجتهم
قال رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم):
“أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربةً، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجةٍ أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرًا، ومن كف غضبه، ستر الله عورته، ومن مشي مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل”.
وهذا يوضح أهمية قضاء الدين عن المسلمين والسعي في قضاء حاجتهم، كما أن إدخال السرور على قلوبهم له منزلة كبيرة عند الله عز وجل، حيث يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
“أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا أو تقضي عنه دينًا أو تطعمه خبزًا”.
صلة الرحم
من احب الاعمال الى الله عز وجل بعد الإيمان به صلة الرحم، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“أحب الأعمال إلى الله إيمان بالله، ثم صلة رحم، ثم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأبغض الأعمال إلى الله الإشراك به ثم قطيعة الرحم”.
كما يوصينا النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث بضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث أنهما من صفات المؤمنين بالله تبارك وتعالى، كما أنها من أفضل واحب الاعمال الى الله.
إماطة الأذى عن الطريق
من أفضل واحب الاعمال الى الله عز وجل إماطة الأذى عن الطريق، حيث أنه من أعمال الخير التي تظهر التعاون بين أفراد المجتمع، كما أنه سببًا في دخول الجنة، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
“لقد رأيت رجلًا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي الناس”.
الدعوة إلى الله
من احب الاعمال الى الله تبارك وتعالى الدعوة إليه وتبليغ رسالة الإسلام، حيث يقول الله في كتابه الكريم: “وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”.
وعلى الداعي المسلم أن يتحلى بالحكمة والصبر والتعلم المستمر مع الحرص على بذل الجهد والتحلي بأفضل الأخلاق.
التنفيس عن معسر
حثنا رسولنا الكريم على مساعدة من لا يستطيع تحمل نفقته أو قضاء دينه، وضرورة الصبر عليه وتفريج شدته؛ وذلك لما له من فضل عظيم عند الله تبارك وتعالى، حيث قال عبدالله بن أبي قتادة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه”.
حسن الخلق
أمرنا الله تبارك وتعالى بالتحلي بالأخلاق الكريمة مثل التسامح والصدق والتواضع ونفع الناس وطلاقة الوجه مع البعد عن الرذائل، وقد حثنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بذلك حيث قال: “أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا”.
ولنا في رسول الله قدوة حسنة في التحلي بالأخلاق الكريمة حيث يقول الله عز وجل في كتابه العزيز:
“لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”، وقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أحب الحديث إليّ أصدقه”.
الصيام والقيام
يعد الصيام وقيام الليل من احب الاعمال الى الله عز وجل، حيث تزداد بهما صلة العبد بربه، كما تساعد الصلاة المسلم في استشعار مراقبة الله، والبعد عن المعاصي والشهوات للفوز في الدنيا والآخرة.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أنه قال:
“قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه”.
تعلم القرآن
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم):
“إن لله أهلين من الناس، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: هم أهل القرآن أهل الله وخاصته”، لذا يجب على المسلمين تعلم القرآن وتلاوته وتدبره حتى ترتفع مكانتهم عند الله عز وجل في الدنيا والآخرة.
الاقتداء بالصالحين
من أهم صفات العبد المؤمن الساعي إلى نيل رضا الله تبارك وتعالى اقتفاء أثر أهل الإيمان والعمل الصالح والباحثين عن رضوان الله، حيث يقول تعالى في كتابه العزيز:
“إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ”.
ومن أهم الأعمال الصالحة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقول الله عز وجل في ذلك:
“كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ”، حيث وصف الله أمة الإسلام بأنها خير الأمم.
شكر الله على نعمه
يحب الله تبارك وتعالى العبد الشكور الذي يستشعر نعم الله عليه، ويداوم على شكر الله في السراء والضراء، حيث يقول الله عز وجل في كتابه: “وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ”.
ما هو العمل الصالح؟
هو العمل الذي يؤديه المسلم وفقًا لشرع الله وعدم مخالفته، وهو العمل الذي يتقرب به العبد إلى الله عز وجل لنيل رضاه والحصول على الأجر والثواب والفوز بالجنة في الآخرة.
ومن الضروري أن يكون العمل خالص لوجه الله تبارك وتعالى لنيل مكانة رفيعة عند الله، ويقول عز وجل في كتابه العزيز: “فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا”.
شروط قبول العمل الصالح
هناك ثلاثة شروط أساسية لقبول العمل، وهم كالتالي:
- الإيمان بالله عز وجل: حيث يكون الهدف من العمل الصالح هو التقرب إلى الله تبارك وتعالى ونيل رضاه للفوز بالجنة.
- الإيمان المطلق بالله: من أهم شروط قبول العمل الصالح هو إخلاص النية لله وحده، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك: “قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه”.
- اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام: أمرنا الله تعالى بالإخلاص لله عز وجل واتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث يقول الله في كتابه الكريم: “وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ”.
الخاتمة
في كل زمان ومكان يبحث المسلمون دومًا عن احب الاعمال الى الله عزوجل التي يمكنهم فعلها للتقرب إلى الله تبارك ونيل رضاه، والتي تتلخص فيما يلي:
- الصلاة على وقتها.
- بر الوالدين.
- الجهاد في سبيل الله.
- ذكر الله.
- المداومة على الأعمال الصالحة.
- إماطة الأذى عن الطريق.
- نفس الناس وقضاء حاجتهم.
- الدعوة إلى الله.
- التنفيس عن معسر.
- حسن الخلق.
- الصيام وقيام الليل.
- تعلم القرآن.
- صلة الرحم.
- الاقتداء بالصالحين.
- شكر الله وحمده على نعمه.