هناك أمورًا كثيرة تسترعي انتباه وتفكير المسلمين فيما يتعلق بمشروعية وشرعية بعض الأشياء والممارسات وأيضًا الأعمال والوظائف، ومن الأسئلة التي تطرح كثيرًا على المشايخ وعلماء الدين هي شرعية التجارة الإلكترونية وهل هي حلال أم حرام، وهذا ما سنتطرق من خلال موقعنا إلى الإجابة عنه وتوضيحه بالتفصيل وفق رأي الشريعة وأقوال الأئمة.
حكم التجارة الإلكترونية في الفقه الإسلامي
هناك سؤالًا يطرح من قبل العديد من المسلمين حول العالم ممن يرغبون في العمل بالتجارة الإلكترونية فيما يتعلق بمشروعيتها، وتتلخص الإجابة في أن التجارة مشروعة في الإسلام وتلك المشروعية ثابتة في السنة والإجماع وكذلك المعقول.
ودلائل تلك المشروعية تنسحب على التجارة بوجه عام وما ينفع أن يكون دليلًا على مشروعية التجارة بوجه عام يمكن أن يكون دليلًا على شرعية التجارة الإلكترونية بالقياس، حيث إن الفرق فيما بينهما هو وسيلة الانعقاد والتطبيق.
لأن التجارة الإلكترونية تكون خاضعة للأحكام العامة التي تطبق على العقود في الفقه الإسلامي بوجه عام وعقود المعاوضات المالية بوجه خاص، وإذا توفرت في الوسائل الإلكترونية الشروط والضوابط الشرعية اللازمة لصحة التجارة عامةً صحت التجارة كلها مثل تضمنها كافة المواصفات التي تنفي عنها الجهالة والغرر والإعلانات الكاذبة والمضللة للناس.
دلائل شرعية التجارة الإلكترونية
لمن يبحث عن دلائل شرعية واضحة وملموسة حول شرعية التجارة الإلكترونية، فإن الكتاب والسنة يزخران بها ونعرض في العناوين التالية الأدلة من القرآن والسنة كل على حدة:
1- دلائل شرعية التجارة الإلكترونية من القرآن
القرآن الكريم هو المرجع الأول لكل المسلمين في شؤون دينهم ودنياهم ولقد وردت في آيته الكريمة دلائل متعددة على مشروعية التجارة، ونعرض بعضًا منها فيما يلي:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ۚ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) ” سورة النساء، الآية رقم 29 “.
(الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) ” سورة البقرة، الآية رقم 275 “.
2- دلائل شرعية التجارة الإلكترونية من السنة النبوية
كما جاء في القرآن الكريم أدلة قاطعة على مشروعية التجارة السليمة جاءت في السنة أيضًا براهين متعددة على ذلك مثل:
” عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما كسبَ الرَّجلُ كَسبًا أطيبُ من عملِ يدِه وما أنفقَ الرَّجلُ على نفسِه وأهلِه وولدِه وخادِمِه فهو صدَقةٌ ”
حدثه الألباني، المصدر: صحيح ابن ماجه.
” عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذْ أقْبَلَتْ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعَامًا، فَالْتَفَتُوا إلَيْهَا حتَّى ما بَقِيَ مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فَنَزَلَتْ هذِه الآيَةُ: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْهَا وتَرَكُوكَ قَائِمًا ”
حدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري
إن التجارة الإلكترونية حلال طالما لم تكن تجارة في شيء من المحرمات أو تحوم حوله شبهات، وأيضًا طالما لم يكن فيها احتيال على الغير وتسببًا في خسارة الناس أو إفساد أخلاقهم ودينهم.
